رحلة تطوير التعليم الفني في مصر عبر الزمن!!!

 





بقلم : دكتور. احمدالجيوشى 

نائب وزير التعليم الاسبق


يمكن تقسيم رحلة تطوير التعليم الفني في مصر الي مرحلتين أساسيتين .. و التقسيم هنا ليس علي أسس المفاضلة وانما علي أسس التكامل.


المرحلة الاولي بدأت مع عهد محمد علي و استمرت الي عهد حسني مبارك .. و قد تضمنت تلك المرحلة نسج خيوط منظومة التعليم الفني و التدريب المهني من عدم التنظيم الي ان وصلت بها الي كيان ضخم منظم حتي لو لم نكن راضين تماما عن ذلك التنظيم .. و قد قدمت تلك المرحلة اعدادا هائلة من الفنيين و المهنيين نهضوا بصناعات عديدة خاصة بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ وصولا لنهاية عهد حسني مبارك .. و قد طورت تلك المرحلة نفسها في عدة مناسبات و تضمنت عدة استراتيجيات مهمة لتنظيم العمل داخل منظومة التعليم الفني و آخرها كانت خطة ٢٠٠٧-٢٠١٢ التي عكف علي تصميمها اساتذة و خبراء يشار لهم بالبنان و منهم د ابراهيم شبكة رحمة الله عليه.


بعد انتهاء فترة حكم الرئيس حسني مبارك .. دخلت البلاد في فترة حكم انتقالية اكتنفها الغموض و التردد و ارتعاش الايدي لمدة ٣ سنوات وصولا لعام ٢٠١٤ الذي تولي فيه الرئيس السيسي مهمته و معه حكومة جديدة .. هنا بدأت ارهاصات المرحلة الثانية لتطوير منظومة التعليم الفني و التدريب المهني بتضمين الدستور المصري الجديد و لاول مرة مادتين تخصان التعليم الفني و المهني .. و قد كان ذلك اشارة و توجيه مباشر لضرورة تدشين المرحلة الثانية لتطوير منظومة التعليم الفني و المهني وفق التكليف الدستوري ليصبح وفق "المعايير العالمية".


وقد كان ذلك تكليفا واضحا و محددا للحكومة الجديدة آنذاك وتصادف ساعتها ان رئيسها كان م ابراهيم محلب وهو من المحبين للتعليم الفني .. فكان ان كلف اول نائب وزير للتعليم الفني ثم اعقبه بتكليفه باول وزارة دولة للتعليم الفني سرعان ما تحولت الي وزارة بحقيبة للتعليم الفني .. منذ تلك اللحظة يمكن القول ان د محمد يوسف اول وزير للتعليم الفني قد بدأ بالفعل  تدشين المرحلة الثانية في تاريخ تطوير التعليم الفني و المهني ليصبح منظومة تتفق مع المعايير العالمية للتعليم الفني في كل مفرداتها مهما تكلف ذلك من وقت و تكلفة و جهود.


و قد كان عنوان تلك المرحلة و مازال حتي بعد الغاء الوزارة الوليدة و تكليف نواب وزراء متعاقبين للتعليم الفني (آخرهم د محمد مجاهد حاليا) هو تحقيق التكليف الدستوري بجعل منظومة التعليم الفني و المهني وفق المعايير العالمية .. و هو ما عكف عليه الجميع من ذلك الوقت و حتي اليوم و غدا لتغيير الثقافات الموروثة و تدشين لغة جديدة تتفق مع اللغة التي يتحدث بها العالم عن التعليم الفني .. و كان الهدف هو لكي يصبح التعليم الفني وفق المعايير العالمية فلا بد اولا ان نستخدم في تطوير تعليمنا الفني ذات اللغة التي يتحدث بها العالم لكي يرانا و نراه .. من هنا تحولنا و مازلنا نحو تطبيق النظم العالمية وفق مسمياتها التي يستخدمها العالم اجمع ومنها منظومة مناهج الجدارات المهنية المرجعية  Competency-Based-Curriculum و الية الديكوم DACUM و برامج التعليم المزدوج Dual TVET System كبديل لمصطلح مبارك كول و نظام التعلم في بيئة العمل (مدارس داخل مصنع و مدارس التكنولوجيا التطبيقية) Work-Based-Learning و التحول بالتعليم الفني ليكون مبني علي الطلب و ليس العرض Demand-driven system و غيرها من النظم التي يعرفها العالم.


من هنا استطعنا توصيل افكارنا عن تطوير التعليم الفني للعالم و بدأ العالم يعرف ماذا نفعل وبدأت قيم مؤشراتنا التعليمية العالمية في التحسن المطرد ليس لاننا اخترعنا "العجلة" من جديد .. و انما فقط لأننا بدأنا في تنظيم جهودنا و جهود من سبقونا بلغة و اطر يعرفها العالم و يستطيع قراءتها بسهولة فيعرفنا و نعرفه .. كل التوفيق ان شاء الله في هذه الرحلة الشاقة و المستمرة استمرار الحياة.


د أحمد الجيوشي

١٩-٩-٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعرف نتيجه الشهاده الاعداديه الازهريه محافظة الإسكندرية 2024

فكوا الكيس ! بقلم دكتور ياسر نصيف رضوان

فى إنجاز جديد للتعليم العالي: تصنيف ويبومتركس "الإصدار العام" يدرج 81 مؤسسة تعليمية مصرية فى نسخة يوليو 2024