السيسي يغير موازين المعادلة العالمية

بقلم الاستاذ محمد رفاعي

نحن اليوم شهود عيان لحقبة زمنية لم يكن لها مثيل في التاريخ من قبل. فنحن نحيا فترة تتغير فيها الخارطة الجيوسياسية العالميه، حيث ان العالم الذي شهدناه في السبعينيات و الثمانينيات كان عالماً ثنائي الاقطاب، الاتحاد الروسي، و امريكا. و بعد انهيار الاتحاد الروسي اصبحنا نحيا في عالم احادي القطب تقوده الولايات المتحدة الامريكية. اما اليوم، فالعالم هو ثلاثي الاقطاب. الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها، و اولهم المملكة المتحدة التي اقصت نفسها من الاتحاد الاوروبي لتظل الحليف الاكبر لامريكا. اما القطب الثاني فهو يتمثل في كتلة الاتحاد الاوروبي بقيادة فرنسا و المانيا. و القطب الثالث هو روسيا و من ورائها حليفتها الجديدة التي تمثل الحليف الاقتصادي، الصين. رؤية عالماً ثلاثي الاقطاب هو امر غير مسبوق. 

ايقنت القيادة السياسية في مصر بان وجه العالم يطرأ عليه تغيرات جذرية و قيام تحالفات كانت في البداية خفية، و كان عند اذ قد توجب البحث لايجاد مكانة ثابتة توقف مصر على ارض صلبة لكي تبقى محتفظة بمكانتها السياسية في المنطقة لتبقى دولة محورية و لاعباً اساسياً في التشكيل العالمي الجديد. خصوصا بان مصر قد مرت بسنوات عجاف في فترة عدم استقرار سياسي و صراعات داخلية على السلطة بعد الاطاحة بنظام مبارك و تولي جماعة الاخوان الحكم في مصر، مما افقد مصر دورها السياسي الذي كانت تتمتع به طوال السنوات الماضية منذ عام ١٩٧٤ الى ان وصل الاخوان المسلمين لسدة الحكم، فضعف الدولة المصرية وقتها هو ما سمح لقطر بالتدخل في سياسة المنطقة و ان تتخذ لها جزءً من الدور المحوري التي كانت تقوم به مصر. فالفراغ الذي احدثه التغيب السياسي المصري هو نفسه ما كان يشكل الخطورة الحتمية التي كانت تهدد مصر نفسها. 

ان المهمة التي اوكلت للقيادة السياسية في مصر لم تكن بمهمة سهلة على الاطلاق، بل كانت مسئلة حياة او موت و صراع للبقاء بالنسبة لمصر. فالاهداف التي كان يجب تحقيقها كانت تتمثل في القضاء على العناصر الارهابية في سيناء، و القضاء على العناصر الارهابية داخل مصر. فالثانية كانت مهمة مستحيلة، فهي مماثلة تماما لملاحقة اشباح. فالعناصر المتأسلمة داخل البلاد كانت خلايا نائمة تجيد العاب الغش و التخفي و تتحرك بحرية مطلقة داخل النسيج الاجتماعي المصري. فهي كانت كالسوس الذي ينخر في بنيان المجتمع، و هذا على غرار العملية الكبرى التي قامت الولايات المتحدة بها من خلال وكالة المخابرات المركزية ضد الاتحاد الروسي، و قد نجحت فعلا في انهياره تماماً. 

اما الهدف الثالث، و الذي كان يبدو بانه من المستحيل تحقيقة هو تخطي الازمة الاقتصادية التي كانت قد غرقت فيها مصر في السنوات الاخيرة من عهد مبارك الذي لم يتقدم بخطوات ناجعة لحل هذه الازمة، و تلتها بعد ذلك الاحداث التي تبعت ثورة ٢٥ يناير مما ادى لانهيار الاقتصاد المصري تماما بعد توقف عجلة الانتاج لسنوات عدة. 

انتشال مصر من كل هذه الازمات و ايجاد مكانة سياسية لها في ظل النظام العالمي الجديد كانت بالتأكيد مهمة مستحيل تحقيقها، و قد راهنت الدول العظمى على فشل النظام المصري في تخطي كل هذه الصعاب، فما كان منهم سوى وضع خطة بديلة لتقسيم مصر، او لتولية نظام حاكم تابع لهم كبديل سريع، او لادخال مصر في حالة فوضى عارمة لكي تلحق بسوريا و ليبيا. و لكن ما كان للنظم المصري، بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، سوى انه ابهر العالم بأسره بتنفيذ عمليات كبرى على جميع الاصعدة، السياسية و الاقتصادية و العسكرية و قد نجح في تحقيق جميع الاهداف التي اوكلت له للحفاظ على هذا الوطن. 

و يذكرني هذا الموقف بالجملة الشهيرة التي اطلقها الرئيس الراحل محمد انور السادات: 
ان هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف لأنه أصبح له درع وسيف...

فلولا هذا الدرع و السيف لما نجحت مصر في ان تتخذ لها مكانة لتكون لاعباً اساسياً فيما يحدث اليوم في ليبيا، و هي عمق الدفاع الاستراتيجي الغربي لمصر...و في هذا أيضاً صراع للبقاء و معركة دفاع عن مكتسبات مصر و وحدة اراضيها و شعبها....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعرف نتيجه الشهاده الاعداديه الازهريه محافظة الإسكندرية 2024

فكوا الكيس ! بقلم دكتور ياسر نصيف رضوان

فى إنجاز جديد للتعليم العالي: تصنيف ويبومتركس "الإصدار العام" يدرج 81 مؤسسة تعليمية مصرية فى نسخة يوليو 2024